تعتبر أهوار العراق من أهم المناطق البيئية والثقافية في الشرق الأوسط، حيث تضم تنوعاً حيوياً وتراثاً إنسانياً عريقاً. لكن هذه المنطقة الرطبة، التي تعرف أيضاً بـ”فينيسيا الشرق”، تواجه تحديات جمة بسبب تغير المناخ وانخفاض منسوب المياه.
وفقاً لتقرير صادر عن مجموعة عمل الخبراء المعنية بالمخاطر الأمنية المتعلقة بالمناخ، فإن العراق يشهد “موجات حر مطولة، وهطول أمطار غير منتظم، ودرجات حرارة أعلى من المتوسط، وزيادة شدة الكوارث”. وتؤثر هذه الظواهر الجوية المتطرفة على موارد المياه والزراعة والصحة والاستقرار الاجتماعي في البلاد.
وتعاني أهوار العراق، التي تقع في جنوب البلاد على امتداد نهري دجلة والفرات، من معدلات متزايدة من الجفاف والتملح والتلوث، ما يهدد حياة النباتات والحيوانات والبشر فيها. وقد تسببت درجات الحرارة المرتفعة وشح الأمطار في نفوق آلاف الأسماك في الأهوار، مما أثر سلباً على مصادر الغذاء والدخل للسكان المحليين⁴.
ويعتمد العراق على نظام نهري دجلة والفرات لتزويده بالمياه، لكن هذا النظام يتدهور بسبب عوامل متعددة، منها تحويل مجرى الأنهار وبناء السدود والتلوث والتبخر والتباطؤ في تجديد المياه الجوفية. وقد أدى انخفاض منسوب المياه إلى زيادة ملوحة إمدادات المياه، ما أثار قلق السكان في جنوب العراق، وخاصة في البصرة، حيث اندلعت مظاهرات واشتباكات بشأن حقوق المياه في السنوات الأخيرة.
ويواجه العراق تحديات سياسية وأمنية تجعل التخفيف من آثار تغير المناخ ومعالجة إدارة المياه عبر الوطنية أمراً صعباً. وقد يؤدي تدهور الأوضاع البيئية إلى زيادة الهجرة والنزاعات والتطرف في البلاد. ولذلك، يحتاج العراق إلى تطوير استراتيجيات وسياسات واقعية وشاملة للتكيف مع التغير المناخي والحد من انبعاثات غازات الدفيئة، بالتعاون مع الشركاء الإقليميين والدوليين.
ويعتبر مؤتمر الأمم المتحدة السابع والعشرين لتغير المناخ (COP27)، الذي ينعقد في شرم الشيخ بمصر، فرصة مهمة للعراق للتزاماته المناخية ومواصلة تطويرها، ولنقل روح تغير المناخ والوعي به إلى العراق. ويحتاج مؤتمر COP27 إلى الوفاء بالتزاماته بتمويل العمل المناخي في البلدان النامية، بما في ذلك العراق¹.
ويجب أن يكون العراقيون أيضاً جزءاً من الحل، بالمشاركة في حماية البيئة والموارد الطبيعية، والمساهمة في تعزيز الصمود والتكيف مع التغير المناخي، والمطالبة بالمساءلة والشفافية من الجهات المعنية. فأهوار العراق هي تراث عالمي يجب الحفاظ عليه وإنقاذه من الاندثار.
