مهن النساء سبب لبؤسهن.

نغم مكي

القيود الاجتماعية  والجدران العالية للتقاليد حواجز تواجهها المرأة قد تمنعها من العمل او الانسحاب منه او قد تدفعها للاستمرارية وكسر القيود النمطية والمواجهة وتحمل المخاطر في مجتمع يعتريه التناقض في الحاجة لمهن المرأة ويرفض او يهجو ان تمتهنها

في مراهقتي بدأت مسك الملقط وتشذيب الحواجب والرغبة في ازالة كل ذلك الشعرفي اي وجه اراه هاجسي زاد اكثرفي تغيير ذلك اللون الشاحب في الوجوه وتغطية الندوب والهالات السوداء لم تكن مهنة بقدر ماهي شغف فن تذوقته في صغري احببت التجميل وابرازه رغم رفض الاهل وتنمر البعض على ما افعله

وتتابع شذى يعقوب55))عاما ام لثلاثة بنات وزوجة  حديثها  اغلب المجتمع يعتبر الكوافيرة شيء معيب وذات سمعة غير جيدة معللة السبب لأنها تستقبل النساء من جميع الفئات ولاتغلق بابها بوجه احد فذلك يتيح للنساء باختلافهن التجمع بمكان واحد فالرؤوس هنا متساوية   فمثلا جارتي  رغم حاجتها لعملي احيانا تعتبر مصدر دخلي هو حرام وتتجنب الكلام معي اثناء الطريق او بأي مكان عام تراني فيه  وتتكرر تبرريها عند رؤيتي في صالوني  بأن زوجها هو السبب فالاخيردائما يقترح على زوجي لواترك عملي هذا افضل تجنبا لشبهات

تستحضر شذى احدى المواقف التي تعرضت لها بسبب مهنتها تزم شفتيها وتأخذ نفسا عميقا وتزفره ثم تقول مهنتي اصبحت ابتلاء على بناتي احيانا تأتي احداهن تخبرني زميلاتها يتنمرن عليها في المدرسة وتصفها بأبنة الحفافة او الصباغة تضحكني تلك الكلمات لكنها في داخلي تألمني ارد على ابنتي لا تهتمي وتجاهلي كل ما تسمعيه

اما بالنسبة لشذى برأيها في النظرة السلبية للمجتمع للكوافيرة هي خلط الجيد بالسيئ فالسيئة تشمل الجميع والجيدة تخص الفرد نفسه فالرجل لا تعيبه مهنته اي كانت اما المرأة فسمعتها مرتبطة بما تمتهن بغض النظرعن الحاجة المادية اوحب تلك المهنة

برأي الناشط المدني “محمد مازن” دائما ينظر المجتمع لمهنة الكوافيرة نظرة ريبة وشك في اخلاقياتها ويصفونها بالغير سوية لأن بحكم المهنة تجمع فئات المجتمع المختلفة النماذج الجيدة والسيئة  وهذه نظرة ذكورية لا تشمل الرجال لان المجتمع العراقي ذكوري يميل بآرائه دائما لصالح الرجل

بعض المهن للنساء منبوذة عشائريا وقد تعرض ذات الشأن لخطر جسماني ووصمة العار

بين زحام المراجعين وانين المرضى وبكاء الاطفال تجلس الشابة الثلاثينية ع أ منزوية في غرفتها الصغيرة في المجمع الطبي تنظر للوجوه المتألمة وعند الاقتراب من باب غرفتها تستقبل المريضات بأبتسامة جميلة لتزاول عملها بزرق الابر

تستذكر ع أ بدايات سنوات عملها التي تقضيها في التمريض في احدى المستشفيات الحكومية في البصرة قائلة عملي في التمريض اشبه بصراع يومي بالنسبة لي رغم مهمتي بمداوة الناس وتخفيف آلامهم بأدوية ومسكنات الا ان ذلك جعلني بموضع الصراع  النفسي وخوفي المستمر لفقدان حياتي احيانا او ان تضيع فرصة الزواج مني لم يعترض اهلي لدراستي مجال التمريض وثم تخرجي وعملي ممرضة تكون في خفارة الليلية  في المستشفى وانما واجهت الرفض واعتراض من  العشيرة وبعض المقربين والتهديد بأن لا بنات لدينا تبات خارج المنزل وتعمل بين الرجال وتختلط بهم  في مجتمع عشائري متزمت وايضا عدم تقبل البعض للزواج بفتاة تعمل لساعات طويلة خارج البيت فهي بنظرهم المحدود غير صالحة لتكوين اسرة وتحمل مسؤولية

تهدا ع أ قليلا وتخرج عن صمتها  ثم تكمل فرصتي في الزواج باتت مستحيلة فالكلام المسيء لمهنتي ولشخصي وتلفيق الاقاويل لي سبب في هذا ونظرة الاستعارة من احدى بناتهم تعمل ممرضة .

تؤكد رقية محمد عبد الله مديرة منظمة السرور للمرأة والطفل وعضو ناشط لقسم تمكين المرأة في البصرة ان القيود التي تلتزم بها المرأة هي الاعراف العشائرية والمجتمعية والاسرة وللأخيرة الدور الاول خصوصا في المناطق الريفية تطبق جميع هذه الاعراف على المرأة وعليها ان تتجنب العمل بمجالات كالتمريض وان عملت ستلاقي ليس فقط معارضات بل عداءات من قبل الاهل او الاقارب والرفض القاطع لهذا العمل وهذه الضغوطات التي نسميها عشائرية ومجتمعية واسرية تمنع المرأة العمل في المجالات المذكورة

وعلى اثره  يتفق احمد الجنابي ناشط مدني ويقول ;بكل تأكيد هناك نظرة دونية لشريحة الممرضات  في العراق بصورة عامة والمجتمعات العشائرية بصورة خاصة وهناك وخز لهذه الشريحة حتى في الزواج والارتباط وتجنب لهن وحتى في الآونة الاخيرة بدأن يتجنبن العمل في هذا القطاع وهناك نساء يعملن في قطاع التمريض اذا سألتها عن عملها تعطي اجابة منافية للحقيقة بمجال آخر عن عملها

المعوقات الاجتماعية تأثر سلبا على المرأة

تعتبر زهراء علي محمد، الباحثة الاجتماعية المشاكل الاجتماعية معوقات تتعرض لها المرأة العاملة فالمضايقات داخل المنزل من قبل الاسرة ومحاربة المرأة داخل العمل من قبل زميل او المدير حاجز لنجاح المرأة العاملة وقد تؤدي احيانا التراجع عن العمل أضافة الضغط العائلي على المرأة في تحمل مسؤولية الاسرة وتربية الاطفال وفوق عاتقها مسؤولية التسوق والتبضع الحاجات المنزلية ايضا يعيق نجاحها في عملها ويؤدي الى قلة اليد العاملة

في هذا الصدد، تروي ام احمد(50) عاما تفاصيل عملها في تغسيل الاموات في احدى الجوامع في البصرة “تملكتني مشاعر مختلطة احسست بخوف وانتفض جسدي واستحوذت علي الافكار ثم شددت من ازري وهمست لنفسي لا أستطيع غير تقبل الوضع وهممت بعملي وغسلت او جنازة بحياتي اضطررت لهذا العمل  ولم اجد حل سواه لأعيل اطفالي بعد ان اصبحت ارملة لم يتقبل الاهل عملي بادئ الامروبعد شعورهم بعدم امكانية مساعدتي  المالية للأنفاق على اطفالي تقبلوا الفكرة اخيرا وتعودت على تحمل اكبر مخاطر هذه المهنة هو الخوف فغسل الاموات يتطلب قوة قلب ومقدرة كبيرة لتحمل الامانة واسرارالمهنة وانا باستطاعتي تحمل هذه المسؤولية ومواجهة اي موقف غريب وامتنع عن الافصاح عنه وتكمل اول الامر كنت غير راضية لكنها الحياة ثم شكرت الله الذي سخرلي هذا العمل الحلال بأجره البسيط الا ان عدم تقبل المجتمع ونفور بعض الناس لهذا العمل هو ما آلمني رغم حاجة البشر لمن يزاولوهذا العمل نهاية المطاف واعتكافي في المنزل وعدم الاختلاط الكثير بالمجتمع بت اشبه بمعزل عن الناس تلافيا لسماع اي كلمة او انتقاد واقتصر اختلاطي في بيئة عملي فقط .

يوضح الناشط المدني “محمد مازن ” غالبا سبب النفور لأصحاب هذه المهن وخاصة المرأة هي ليس نفور بقدرما هي تخوف فالناس تخاف من  الموت والاقتراب منهم يعني انه شخص يتصف بالجرأة والمجتمع لا يحبذ ان تكون المرأة جريئة بل يفضل المرأة الضعيفة وتحت سلطة ولي الامر.

الاشاعات والتنمر مشاكل  تواجهها الفئة العاملة

في منتصف فرحتي مع زملائي وزميلاتي ونحن نلتقط صور التخرج التفت لي احد الزملاء بوجه ارتسمت عليه ملامح الاستهزاء قائلا لي لا داعي لالتقاطك صور التخرج هنا صوري بالقرب من ستان مول (مكان العمل)  باعتبارك خريجة هناك  لم اعطي لكلامه اي ردة فعل واكتفيت بجوابي له لن انزل لمستوى تفكيرك الضحل وادرت وجهي عنه لكي لا تخرب فرحتي بالتخرج هذا لم يكن الموقف الاخير التي تتعرض له ميس بسبب عملها .

تسيرفي زوايا المكان ثم ترتب احد الالبسة المتروكة على الرف وفقا للتصميم المشابه له وتبدا  حديثها بنبرة هادئة وتقول ميس جمال(22) عام عملت موظفة مبيعات وتصميم  في مول تجاري  منذ المرحلة الثانية لدراستي الجامعية بعد انتهاء عقد العمل لوالدي لإحدى الشركات الاهلية لم يعد لدينا مورد ثابت فقررت العمل والاعتماد على نفسي ولأساعد ابي في ادخال مورد يسد احتياجات الاسرة واجهت صعوبة بالبداية بتنسيق وقت العمل  والدراسة ولايوجد وقت كافي لأستريح فعملي يستغرق 8ساعات ينتهي في الساعة 12ليلا ودراستي صباحا كل هذا جهد بدني ووقت المتأخر لانتهاء عملي سبب رئيسي لرفض والدي العمل الا انه قبل بالأمر وهو من يوصلني لعملي ويرجعني وتكمل ميس اضافة الى المنافسة بين زميلات العمل للحصول على زيادة في الراتب تبتسم ميس وتكمل كل هذا لأجل اثبات ذاتي وجدارتي لم يهم ما اسمعه من انتقادات الجيران بأن هذا ماعلى والدي ان يوفره لي او لو تتزوجين افضل لك من هذا العمل الا ان عدم اختلاطي مع البيئة المحيطة حولي  جنبني الكثير من الكلام السلبي والتجريح .

ترجع الباحثة الاجتماعية من ضمن المشاكل الاجتماعية للمرأة العاملة قد تتعرض للتنمر او الاشاعات وللتغلب على كل ما سبق يعتمد على قوة شخصيتها وثقتها بنفسها فلا تتأثر بكلام الناس وتنمرهم بالعكس سيكون حافزا لنجاحها وتقدمها الى الامام وتطوير من نفسها واذا كانت المرأة شخصيتها ضعيفة سوف تتأثر بكلام الناس وتتحطم معنوياتها واحباطها وترك عملها

تشير دراسة اعدتها وحدة إحصاءات النوع الاجتماعي التابعة للجهاز المركزي للإحصاء في وزارة التخطيط العراقية، إن توزيع النساء حسب قطاعات العمل لا يبدومتوازنا ،فيظهر أن هناك قطاعات تنشط فيها النساء حسب قطاعات آخرى

فالقطاع العام والحكومي هي اكثر القطاعات الجاذبة لمشاركة المرأة حيث كانت النسبة حوالي 78في المئة مقارنة في القطاعات التي لم تشكل سوى 21في المئة في القطاع الخاص وبحسب ما ذكره رئيس اتحاد نقابات العمال في البصرة” احمد الخفاجي”  تبلغ اليد العاملةاكثرمن  900 الف في القطاع الخاص والمختلط والقطاع الغير منظم ونسبة النساء 20 في المئة بالوضع العام وهذه النسبة تقريبية لقراءة الوضع وحددت من خلال زيارة مواقع العمل والاطلاع على كافة الامور المتعلقة بالعمالة حصلنا على هذه النسب

أما الفئات الاكثر ترجيح للعمل في القطاع الخاص فئة الشباب وتتراوح اعمارهم بين 16_30من كلا الجنسين باعتبارهم طاقات شبابية ويقدمون انتاج اكثر ونسبة النساء 30 في المئة  وترتفع هذه النسبة وتتوازن في القطاعات الحكومية كالتربية والتعليم والصحة وتقل النساء العاملات  في قطاع  العمل الغير منظم وتكون قليلة جدا بسبب التقاليد العشائرية ووضع المجتمع في الجنوب يمنع ان يكون دور المرأة وتمثيلها في العمل

ووفقا لهذا تضيف رقية محمد نحن كنشطاء ونعمل في المجال المدني نقدر معدل مشاركة المرأة في العمل 35%  وهي احصائية تقديرية فلاتوجد قاعدة بيانات ثابتة لهذه النسبة او معدل او منظمة قامت بأعداده وهنا نعمل على الجندر وصعوبة تحقيق المساواة بين الرجل والمرأة لدينا مستحيلة في العراق والجنوب تحديدا

تتابع رقية، الحلول لتصنيف الادوار الجندرية هي اعادة وتكثيف برامج التوعية المفيدة التي تبني العقلية المتوازنة والتوعية الخاصة على السوشل ميديا ومواقع التواصل لبرامج تدعم النساء ولاتقلل من شأنها وايضا الرجوع الى التلفاز لما يحتويه من فقرات عائلية تشجع وتحترم المرأة والعائلة العراقية الاصيلة فالأعلام له دور كبير وفاعل  في ادلجة الافكار والحد من الموروثات القديمة والنظرة الدونية لمهن التمريض وصاحبة الصالون والمهن التي بسببها  تتعرض النساء للتنمر والاساءة بالرغم من فائدتها للمرأة والمجتمع  فالتوعية لها دور في ثقافة المجتمع والعوائل وثقافة الاطفال لبناء جيل واعي بالمستقبل مزروع فيه احترام المرأة وعملها

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.